بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
قال تعالى : { وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } هود/90 .
تقدم معنى محبة الله لعباده ومحبة العباد له بشكل مفصل .
والخلاصة : أن مودة الله لعباده هي حبه لذته ومراعاته لعباده .
معنى الود
قال الراغب : الود: محبة الشيء وتمني كونه ، ويستعمل في كل واحد من المعنيين على أن التمني يتضمن معنى الود لان التمني هو تشهي حصول ما توده ، وقوله : { وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } وقوله : { سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} فإشارة إلى ما أوقع بينهم من الألفة المذكورة في قوله : {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ } الآية .
وفى المودة التي تقتضي المحبة المجردة في قوله : { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } وقوله {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} { إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} فالودود يتضمن ما دخل في قوله : { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } روي أن الله تعالى قال لموسى : أنا لا أغفل عن الصغير لصغره ولا عن الكبير لكبره ، وأنا الودود الشكور فيصح أن يكون معنى : { سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} معنى قوله : { فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }
والحاصل : من التعريف المتقدم أن الود من الله لعباده هو الحب ولكن ليس مطلق الحب بل حباً خاصاً له أثر ظاهر وذلك بإخراجهم من الظلمات إلى النور وهدايتهم إلى الحق وإلى الصراط المستقيم .
قال السيد الطباطبائي :
الودود :
من أسماء الله تعالى ، وهو فعول من الود بمعنى الحب إلا أن المستفاد من موارد استعماله انه نوع خاص من المحبة وهو الحب الذي له آثار وتبعات ظاهرة كالألفة والمراودة والإحسان ، قال تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً }الروم / 21 .
والله سبحانه يحب عباده ويظهر آثار حبه بإفاضة نعمه عليهم {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا } فهو تعالى ودود لهم .
حب الله لعباده جميعاً
من لطف الله على عباده جميعاً أنه يحبهم وحتى العاصين والمذنبين منهم لم يتركهم وشأنهم بل هو يحبهم ويودهم ويعتني بهم ومن وده ومحبته لهم أمرهم بما فيه صلاحهم ونهاهم عما فيه مضرتهم وفي الآية المباركة لفتة نظر أن جاءت كلمة الودود بعد رحيم ، المعبر عن أن هذا الود والمحبة ناشئ من الرحمة بهم حتى وإن كانوا مذنبين وعاصين له .
فكلمة الودود التي هي أحد أسمائه تعالى :
( صيغة مبالغة مشتقة من الود ومعناه المحبة ، وذكر هذه الكلمة بعد كلمة " رحيم " إشارة إلى أن الله يلتفت بحكم رحمته إلى المذنبين التائبين ، بل هو إضافة إلى ذلك يحبهم كثيرا لأن رحمته ومحبته هما الدافع لقبول الاستغفار وتوبة العباد )
أما الجهة الثالثة : محبة الناس بعضهم بعضاً :
فهي محل حديثنا الآن :
فنقول : تقدم أن المحبة من الأمور الوجدانية التي لا تحتاج إلى تعريف حقيق ولوضوحها وحضورها في الساحة الاجتماعية فقد ذكروا لها أكثر من 60 اسماً وذلك لأهميتها وتغللها في المجتمع وتأثيرها فيه وتعلقه بها ومحبته لها وتداولها فيما بين أفراده .